حوار حديث مع أحد الأسرى المحررين "أمين إبراهيم شعت"
___________________________________________
"الإسلام اليوم" تحاور أحد الأسرى المحررين
حوار / إبراهيم الزعيم
1/10/1425
14/11/2004
الأسير المحرر أمين إبراهيم شعت (27 عاماً) من سكان رفح بلوك G مخيم الشعوت، حاصل على شهادة الثانوية العامة الفرع الأدبي عام 1997 و شهادة الفرع العلمي عام 1998، درس اللغة العبرية قراءة وكتابة لمدة عام داخل المعتقل، حتى نتعرف على قصته أكثر كان لنا معه هذا الحوار.
* نرجو أن تحدثنا عن تفاصيل اعتقالك؟
تم اعتقالي بتاريخ 2/3/1993م على إثر المشاركة في قتل المستوطن الصهيوني (يوشاع)، حيث تم اعتقالي من منزلي برفح، وبعدها تم نقلي إلى مركز رفح (الإدارة المدنية) في ذلك الوقت، وتم التحقيق معي بشكل ميداني، ووجدت هناك عدداً من أعضاء جهاز المخابرات الصهيونية (الشاباك)، ووضعت في غرفة صغيرة وأحاطوا بي من جميع الجهات، وبدأ التحقيق معي محاولين نزع أي اعتراف مني، حيث وجهت إلى تهمة الشروع والتسبب في مقتل المستوطن اليهودي، كوني قمت بإلقاء جحر (بلوك) على السيارة التي كان يقودها، مما أدى إلى اختلال في توازن السيارة وانقلابها واصطدامها بعامود كهرباء وجدار، مما أدى إلى موته، حيث كان بينه وبين الموت حوالي (14) ثانية حسب تقرير الطبيب الشرعي، علماً بأن عمري في ذلك الوقت كان 16عاماً، بعد ذلك نقلت إلى سجن غزة المركزي ( المعروف بالسرايا ) ودخلت قسم التحقيق المشهور(بالمسلخ) وهو قسم كامل تابع للمخابرات الصهيونية (الشاباك)، حيث يتم التحقيق فيه مع أي فلسطيني يعتقل، ومكثت في التحقيق مدة (4) شهور عملوا كل ما باستطاعتهم لنزع الاعتراف منى، واستخدموا جميع الأساليب القذرة لنزع هذه الاعترافات مثل الضغط النفسي والعنف، مثل الضرب وهز الجسد من منطقة الصدر و(الشَبح) ، وهو ربط الأسير من يديه و قدميه في نفس الوقت ورفعه عالياً، كما وضعوني في ثلاجة يتحكمون بدرجة التجمد فيها، وكانوا يساومونني على الاعتراف، فأقول لهم لا يوجد لدى شيء أعترف به، فيعيدونني إلى الثلاجة والتي مكثت فيها (10) أيام.
ومن أساليب التحقيق التي استخدموها معي أنهم أحضروا لي اعترافات من أخي ايمن الذي كان معي في نفس العملية واعتبروه شريكاً لي، وقالوا لي إن أخوك أيمن اعترف عليك، فقد تم اعتقاله من خانيونس على أساس أننا مطلوبين للجيش الصهيوني، وأننا شركاء في التنفيذ، فأجبتهم بأنني لا أعرف شيء عن هذه الاعترافات، ولكنهم استمروا في تعذيبي مستخدمين أقذر أساليب التعذيب وهي ما تعرف بمرحلة (عصر الليمونة)، حيث يتم تشديد أساليب التعذيب من الضرب والإهانة، حتى استطاعوا بعد أربعة أشهر انتزاع الاعتراف مني، مع العلم بأنني خضت إضراباً عن الطعام أثناء التحقيق، حتى إنهم فتحوا فمي بالقوة لوضع الماء فيه حتى كدت اختنق وينقطع نفسي، وقد استخدموا مع أخي أسلوب القبر، وهو عبارة عن فتحة تحت أرضية حجرة المحقق يتم إنزال الأسير داخلها ويجلس جلسة القرفصاء، مثل وضع الجنين في رحم أمه لمدة ساعات وأيام، بالإضافة إلى أسلوب الصاعقات الكهربية، وأهم هذه الأساليب وأصعبها الأساليب النفسية حيث يقولون لك يوجد لدينا اعتراف عليك من فلان أو فلان، مما يؤدي إلى إرباك الأسير ويجعله يشك في كل من حوله.
وقالوا لي إنهم قالوا إننا سنحبس والدك إذا بقيت على هذا العناد واحتجزوه فعلاً، ومن ثم نقلوني لعزل انفرادي في سجن السرايا ووضعوا في الزنزانة التي بجانبي شخص صوته مثل صوت أبي وسعاله وتنهيدته، حتى إنني كنت أنادى عليه وأحاول محادثته، ولكن دون جدوى، وهذا كان من أساليب الضغط النفسي التي يستخدمها رجال المخابرات الصهيونية.
**ماذا حدث بعد سجن غزة وانتهاء مرحلة التحقيق؟
بعد أن انتهت مرحلة التحقيق نقلت إلى سجن بئر السبع، حيث كنت في تلك الفترة أصغر أسير في السجون الصهيونية، ووضعت في عزل انفرادي وهو قسم عزل ( والآن اسمه عزل (4).
**هل تم الحكم عليك في تلك الفترة؟
لا، بل كنت موقوفاً لمدة (3) سنوات وبعدها حكم علي بالسجن المؤبد وهو (99) سنة (5) سنوات، حيث حكم علي بالمؤبد بتهمة تسببي في قتل المستوطن، والخمس سنوات على خلفية نشاط عسكري ومقاومة الاحتلال، وكان ذلك في عام 1995، حيث حكم علي أنا وأخي أيمن بنفس الحكم.
**كيف تم تخفيف مدة الحكم؟
استمر الاستئناف مدة (3) سنوات على أمل تخفيف الحكم، وفي عام 1998 تم تخفيض الحكم عني إلى (12) سنة، وذلك لصغر سني لأن القانون الصهيوني لا يدين القاصر بأكثر من(20) سنة، وتم تخفيض الحكم عن أخي إلى (20) سنة.
**هل قضيت فترة اعتقالك في سجن واحد؟
لا، حيث إن أخي كان عزله في سجن (الرملة) وكان أصعب سجون العزل، والذي عملت مؤسسات حقوق الإنسان على إغلاقه في عام (1995) حيث تم تجديد فتحها في الانتفاضة الثانية، و أنا كنت في سجن بئر السبع قسم (4) أصعب الأقسام في سجن بئر السبع، حيث يجلس في هذا القسم (2) من الأسرى في حجرة طولها (3) أمتار في عرض متر ونصف، مكثت في سجن السبع قسم عزل (4) من منتصف (1993) حتى نصف (1995)، وتم نقلى إلى سجن عسقلان ومكثت سنة ونصف، حيث التقيت أنا و أخي في سجن عسقلان، و من ثم تم نقلى إلى سجن بئر السبع قسم (1) حيث مكثنا لمدة شهرين، ومن ثم نقلنا إلى سجن نفحة من منتصف (1996) حتى (1999)، وبعدها تمت عدة إفراجات عن الأسرى في عهد السلطة الفلسطينية، حيث تم جمع كل أسرى سكان غزة في سجن عسقلان، و استقر بنا الحال في عسقلان أنا و أخي معاً من (1999) حتى (2001)، حيث تمت عدة تنقلات بسبب زيادة عدد المعتقلين بسبب انتفاضة الأقصى ، مما أدى إلى إعادتنا إلى سجن نفحة مرة أخرى أنا و أخي، لقد أعادوا أخي أيمن إلى سجن عسقلان لأسباب مرضية ، وممنوع من أن يبقى في سجن نفحة، بعدها أعادونا إلى سجن عسقلان، حيث رفضنا العودة و المكوث فيه وخضنا إضرابا عن الطعام في (الأمتنا) وهي غرفة كبيرة لاستيعاب الأسرى الجدد الذين يتم جلبهم من سجون مختلفة حتى يتم فرزهم على الأقسام المختلفة، حيث خضنا إضراباً عن الطعام أنا و أخي لمدة (19) يوم، من أجل إعادتنا إلى سجن نفحة مع بعضنا البعض، حيث وضعونا في زنازين العزل الانفرادي و مكثنا في سجن عسقلان حتى عام (2002) ، وبعدها نقلنا إلى سجن نفحة، حيث تم عزلي عن أخي، فأصبحت أنا في سجن بئر السبع وهو في سجن نفحة حتى تم الإفراج عنى من سجن بئر السبع.
**كيف تتم معاملة أهالي الأسرى أثناء الزيارة؟
فعلوا كل ما باستطاعتهم من أجل إذلال أهالي الأسرى خلال الزيارة، وذلك بتحديد مواعيد الزيارة حيث كانت في البداية كل (14) يوم، ولكن مع حلول الانتفاضة أصبح الأمر مختلفاً حيث تم منع أكثر من (80) % من أهالي الأسرى من الزيارة بحجة الاحتياطيات الأمنية.
**ما هي طبيعة المعاملة بين الأسرى؟
لا توجد أي تفرقة بين فصيل أو آخر، حيث كانت العلاقة بين الأسرى علاقة أبناء شعب واحد، أبناء فلسطين، هدفنا واحد والعمل فيما بيننا يتم بالتنسيق في كافة المجالات للوصول إلى اتفاق معين لكافة الفصائل، حيث يتم الاتفاق بين الفصائل وننتخب شخصاً يتحدث باسم الأسرى ويتفاوض مع إدارة السجون.
** خلال مدة اعتقالك التي دامت (12) سنة ، كيف يمكن أن تحدثنا عن الإضرابات التي خضتموها؟
أول إضراب خضناه في السجون كان عام (1995) وكان من أهم أهداف هذا الإضراب تحقيق مطالبنا، وهي تحسين ظروفنا من حيث الطعام والشراب والعناية الصحية والعلاج وكانت مدته (18) يوم، وتم تلبية مطالبنا، والإضراب الثاني كان عام (1998) ومدته (16) يوم، وكان لتحسين وضع الأسرى داخل السجون والحصول على الإنجازات التي توصلنا إليها من خلال المفاوضات، وهي تحسين زيارة الأهل وانتظامها من خلال غرفة خاصة، والسماح للأهل بجلب الأطفال لرؤية آبائهم، حيث إنهم قد منعوا في تلك الفترة، وكافة هذه الإنجازات تحققت عن طريق سقوط شهداء من الحركة الأسيرة داخل السجون لتحقيق هدف حق الأسرى بالاستمتاع بكافة حقوقهم الإنسانية كأي أسرى في العالم و منهم الإخوة الشهداء عبد القادر أبو الفحم و راسم حلاوة و غيرهم من الشهداء ، أما الإضراب الثالث فكان في عام (2000) ، وقد كان حفاظاً على كرامة الإنجازات التي حاولوا إهانتها، وكانت مدته (15) يوماً، وسميناه في ذلك الوقت إضراب الكرامة والشرف، وذلك حفاظاً على شرفنا و كرامتنا، حيث مررنا بمرحلة من المراحل الصعبة حيث استخدموا معنا أسلوب التفتيش العاري، وذلك بشكل استفزازي وانتزاع لكرامة الإنسان بشكل مهين، فقد كان يطلب من الأسير أن يحني جسده لكشف عورته، إنها أساليب تعجز شياطين الإنس والجن عن فعلها، أما بالنسبة لتقديم الطعام فقد كان مذلاً للغاية، حيث كان الأسرى الجنائيون، أي غير الأمنيين هم الذين يطهون لنا الطعام في مطبخ خاص بهم ويتم توزيعه على الأسرى الأمنيين، وكان الطعام سيئاً، إذ إنهم لا يتعاملون معنا على أننا آدميون؛ بل كحيوانات إرهابية لا تستحق الحياة ولا الأكل النظيف، ويجب أن تعيش تحت رحمتنا، حيث إن الطعام الذي يقدم لنا يكون مخزناً في ثلاجات لمدة طويلة جداً قد تصل إلى سنين واللحوم عفنة والرز نيئاً والشوربة مصنوعة من ماء متسخ، ناهيك عن العناية الصحية، حيث كانت قبل انتفاضة الأقصى أفضل، فقد بات الإهمال الطبي متعمداً من قبل إدارة السجون، والدليل على ذلك أنني قبل دخولي السجن كنت قد أصبت في ساقي وأنا مضرب عن الطعام عام1992 تضامناً مع الأسرى في ذلك الوقت، وخلال فترة اعتقالي شعرت بألم في ساقي ولم ألقى أي عناية صحية، وقضيت سبع سنوات وأنا أتردد على طبيب السجن وهو يقدم لي أدوية ليست مطابقة لمرضي مما يزيد حالتي الصحية سوءاً، فضلاً عن أن الدواء قديم ولا يصلح للاستخدام الآدمي، مما يؤدي إلى تراكم الأمراض لدى الأسرى، وخاصة مرض القلب والذي سببه الضغط النفسي ومعاملة إدارة السجن القاسية على الأسرى، فمن الأسرى من يعاني من جلطة في القلب مثل الأسير وليد شعت وأبو جابر نشبت وعدد كبير من الأسرى.
**بالنسبة لآخر إضراب داخل السجون وهو إضراب الأمعاء الخاوية؛ كيف يمكن لك أن تصف لنا هذا الإضراب؟ وكيف قضيته؟ وكم كانت مدته؟ وما الذي تم تحقيقه من هذا الإضراب؟
في الحقيقة لقد خضت إضرابات كثيرة عن الطعام، ولكن هذا الإضراب كان أصعب وأقوى إضراب يمر علينا بالفعل طول قترة اعتقالي، وذلك لسبب واحد أنهم عملوا كل ما باستطاعتهم لإفشال هذا الإضراب، وكان من أسبابه هو إعادة الإنجازات التي تم تحقيقها وأخرى لم يتم تحقيقها؛ فكانت على النحو التالي: رفع الزجاج الموجود في غرفة الزيارة الذي وضع بدلاً من الشبك الذي يحول بين الأسير وملامسته لأهله وأولاده، إذ وضع الزجاج ومعه هاتف لمخاطبة الأهل من خلاله، توفير جهاز تلفون داخل كل قسم ليستطيع الأسرى محادثة ذويهم خارج السجن، استعادة الأدوات الكهربائية التي تم سحبها منا كنوع من الاستفزاز، تحسين الظروف الدراسية وخاصة الدراسة بالانتساب في كافة جامعات العالم العربي والعالمي لا سيما جامعاتنا الفلسطينية وعدم اقتصارها على الجامعة العبرية، الاهتمام بصحة الأسرى حيث يوجد عدد كبير من الأسرى يحتاجون إلى عدد من العمليات الجراحية وتقديم العناية الصحية لهم الأمر الذي أدى بسبب الإهمال إلى استشهاد أخي وصديقي ورفيق دربي إياد عدوان (أبو محمود) من سكان رفح في عام 1997 من سجن بئر السبع.
**هل تم تلبية كافة مطالبكم؟
قبل أن أجيب عن هذا السؤال أريد أن أتحدث عن أساليب مصلحة إدارة السجون الصهيونية لكي تفشل هذا الإضراب ومنها: استخدام أساليب الضغط النفسي وإرغام الأسرى المضربين على فك الإضراب من خلال قيامهم بشوي الكباب وكافة أنواع اللحوم بجانب شبابيك الأقسام لإغراء المضربين، استخدام أساليب الضرب المبرح والعنيف والقمع الجماعي خاصة داخل عيادة السجن مع الأسرى الذين سقطوا من شدة المرض والتعب لإرغامهم على تعليق الإضراب، حرمان الأسرى المدخنين من التدخين، عرض أفلام إباحية من خلال شاشات الفيديو وإرغامنا على مشاهدتها، كل هذه الأساليب القذرة لم تهزنا داخل المعتقل؛ بل زادتنا إصرارا وثباتاً، حتى تم تحقيق جزء كبير من مطالبنا وتم فك الإضراب بعد أن دام (19) يوم أثبتنا فيها إصرار شعبنا الصامد والتزامه بقضيته وحقه في الحرية والعيش بأمان.
وفي نهاية حديثي؛ فإنني أوجه تحية كل التحية لأمهات الأسرى أمهاتنا اللاتي سطرن بصمودهن أروع آيات الصمود والفداء والتضحية، بل وقدمن أرواحهن فداء لنا وخير دليل على ذلك هو استشهاد أم أحد إخواننا الأسرى من الضفة الفلسطينية تضحية ووفاء لأبنائها الأسرى، كما وأحيي كل من ساهم معنا بالإضراب عن الطعام والاعتصام تضامناً معنا، وابعث بأجل التحيات لإخوتي الأسرى داخل سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني المتغطرس وأتمنى لهم الإفراج العاجل والسريع والحرية كل الحرية لهم -إن شاء الله
مع تمنياتنا الحرية لاسرانا البواسل في سجون الاحتلال.
"الإسلام اليوم" تحاور أحد الأسرى المحررين
حوار / إبراهيم الزعيم
1/10/1425
14/11/2004
الأسير المحرر أمين إبراهيم شعت (27 عاماً) من سكان رفح بلوك G مخيم الشعوت، حاصل على شهادة الثانوية العامة الفرع الأدبي عام 1997 و شهادة الفرع العلمي عام 1998، درس اللغة العبرية قراءة وكتابة لمدة عام داخل المعتقل، حتى نتعرف على قصته أكثر كان لنا معه هذا الحوار.
* نرجو أن تحدثنا عن تفاصيل اعتقالك؟
تم اعتقالي بتاريخ 2/3/1993م على إثر المشاركة في قتل المستوطن الصهيوني (يوشاع)، حيث تم اعتقالي من منزلي برفح، وبعدها تم نقلي إلى مركز رفح (الإدارة المدنية) في ذلك الوقت، وتم التحقيق معي بشكل ميداني، ووجدت هناك عدداً من أعضاء جهاز المخابرات الصهيونية (الشاباك)، ووضعت في غرفة صغيرة وأحاطوا بي من جميع الجهات، وبدأ التحقيق معي محاولين نزع أي اعتراف مني، حيث وجهت إلى تهمة الشروع والتسبب في مقتل المستوطن اليهودي، كوني قمت بإلقاء جحر (بلوك) على السيارة التي كان يقودها، مما أدى إلى اختلال في توازن السيارة وانقلابها واصطدامها بعامود كهرباء وجدار، مما أدى إلى موته، حيث كان بينه وبين الموت حوالي (14) ثانية حسب تقرير الطبيب الشرعي، علماً بأن عمري في ذلك الوقت كان 16عاماً، بعد ذلك نقلت إلى سجن غزة المركزي ( المعروف بالسرايا ) ودخلت قسم التحقيق المشهور(بالمسلخ) وهو قسم كامل تابع للمخابرات الصهيونية (الشاباك)، حيث يتم التحقيق فيه مع أي فلسطيني يعتقل، ومكثت في التحقيق مدة (4) شهور عملوا كل ما باستطاعتهم لنزع الاعتراف منى، واستخدموا جميع الأساليب القذرة لنزع هذه الاعترافات مثل الضغط النفسي والعنف، مثل الضرب وهز الجسد من منطقة الصدر و(الشَبح) ، وهو ربط الأسير من يديه و قدميه في نفس الوقت ورفعه عالياً، كما وضعوني في ثلاجة يتحكمون بدرجة التجمد فيها، وكانوا يساومونني على الاعتراف، فأقول لهم لا يوجد لدى شيء أعترف به، فيعيدونني إلى الثلاجة والتي مكثت فيها (10) أيام.
ومن أساليب التحقيق التي استخدموها معي أنهم أحضروا لي اعترافات من أخي ايمن الذي كان معي في نفس العملية واعتبروه شريكاً لي، وقالوا لي إن أخوك أيمن اعترف عليك، فقد تم اعتقاله من خانيونس على أساس أننا مطلوبين للجيش الصهيوني، وأننا شركاء في التنفيذ، فأجبتهم بأنني لا أعرف شيء عن هذه الاعترافات، ولكنهم استمروا في تعذيبي مستخدمين أقذر أساليب التعذيب وهي ما تعرف بمرحلة (عصر الليمونة)، حيث يتم تشديد أساليب التعذيب من الضرب والإهانة، حتى استطاعوا بعد أربعة أشهر انتزاع الاعتراف مني، مع العلم بأنني خضت إضراباً عن الطعام أثناء التحقيق، حتى إنهم فتحوا فمي بالقوة لوضع الماء فيه حتى كدت اختنق وينقطع نفسي، وقد استخدموا مع أخي أسلوب القبر، وهو عبارة عن فتحة تحت أرضية حجرة المحقق يتم إنزال الأسير داخلها ويجلس جلسة القرفصاء، مثل وضع الجنين في رحم أمه لمدة ساعات وأيام، بالإضافة إلى أسلوب الصاعقات الكهربية، وأهم هذه الأساليب وأصعبها الأساليب النفسية حيث يقولون لك يوجد لدينا اعتراف عليك من فلان أو فلان، مما يؤدي إلى إرباك الأسير ويجعله يشك في كل من حوله.
وقالوا لي إنهم قالوا إننا سنحبس والدك إذا بقيت على هذا العناد واحتجزوه فعلاً، ومن ثم نقلوني لعزل انفرادي في سجن السرايا ووضعوا في الزنزانة التي بجانبي شخص صوته مثل صوت أبي وسعاله وتنهيدته، حتى إنني كنت أنادى عليه وأحاول محادثته، ولكن دون جدوى، وهذا كان من أساليب الضغط النفسي التي يستخدمها رجال المخابرات الصهيونية.
**ماذا حدث بعد سجن غزة وانتهاء مرحلة التحقيق؟
بعد أن انتهت مرحلة التحقيق نقلت إلى سجن بئر السبع، حيث كنت في تلك الفترة أصغر أسير في السجون الصهيونية، ووضعت في عزل انفرادي وهو قسم عزل ( والآن اسمه عزل (4).
**هل تم الحكم عليك في تلك الفترة؟
لا، بل كنت موقوفاً لمدة (3) سنوات وبعدها حكم علي بالسجن المؤبد وهو (99) سنة (5) سنوات، حيث حكم علي بالمؤبد بتهمة تسببي في قتل المستوطن، والخمس سنوات على خلفية نشاط عسكري ومقاومة الاحتلال، وكان ذلك في عام 1995، حيث حكم علي أنا وأخي أيمن بنفس الحكم.
**كيف تم تخفيف مدة الحكم؟
استمر الاستئناف مدة (3) سنوات على أمل تخفيف الحكم، وفي عام 1998 تم تخفيض الحكم عني إلى (12) سنة، وذلك لصغر سني لأن القانون الصهيوني لا يدين القاصر بأكثر من(20) سنة، وتم تخفيض الحكم عن أخي إلى (20) سنة.
**هل قضيت فترة اعتقالك في سجن واحد؟
لا، حيث إن أخي كان عزله في سجن (الرملة) وكان أصعب سجون العزل، والذي عملت مؤسسات حقوق الإنسان على إغلاقه في عام (1995) حيث تم تجديد فتحها في الانتفاضة الثانية، و أنا كنت في سجن بئر السبع قسم (4) أصعب الأقسام في سجن بئر السبع، حيث يجلس في هذا القسم (2) من الأسرى في حجرة طولها (3) أمتار في عرض متر ونصف، مكثت في سجن السبع قسم عزل (4) من منتصف (1993) حتى نصف (1995)، وتم نقلى إلى سجن عسقلان ومكثت سنة ونصف، حيث التقيت أنا و أخي في سجن عسقلان، و من ثم تم نقلى إلى سجن بئر السبع قسم (1) حيث مكثنا لمدة شهرين، ومن ثم نقلنا إلى سجن نفحة من منتصف (1996) حتى (1999)، وبعدها تمت عدة إفراجات عن الأسرى في عهد السلطة الفلسطينية، حيث تم جمع كل أسرى سكان غزة في سجن عسقلان، و استقر بنا الحال في عسقلان أنا و أخي معاً من (1999) حتى (2001)، حيث تمت عدة تنقلات بسبب زيادة عدد المعتقلين بسبب انتفاضة الأقصى ، مما أدى إلى إعادتنا إلى سجن نفحة مرة أخرى أنا و أخي، لقد أعادوا أخي أيمن إلى سجن عسقلان لأسباب مرضية ، وممنوع من أن يبقى في سجن نفحة، بعدها أعادونا إلى سجن عسقلان، حيث رفضنا العودة و المكوث فيه وخضنا إضرابا عن الطعام في (الأمتنا) وهي غرفة كبيرة لاستيعاب الأسرى الجدد الذين يتم جلبهم من سجون مختلفة حتى يتم فرزهم على الأقسام المختلفة، حيث خضنا إضراباً عن الطعام أنا و أخي لمدة (19) يوم، من أجل إعادتنا إلى سجن نفحة مع بعضنا البعض، حيث وضعونا في زنازين العزل الانفرادي و مكثنا في سجن عسقلان حتى عام (2002) ، وبعدها نقلنا إلى سجن نفحة، حيث تم عزلي عن أخي، فأصبحت أنا في سجن بئر السبع وهو في سجن نفحة حتى تم الإفراج عنى من سجن بئر السبع.
**كيف تتم معاملة أهالي الأسرى أثناء الزيارة؟
فعلوا كل ما باستطاعتهم من أجل إذلال أهالي الأسرى خلال الزيارة، وذلك بتحديد مواعيد الزيارة حيث كانت في البداية كل (14) يوم، ولكن مع حلول الانتفاضة أصبح الأمر مختلفاً حيث تم منع أكثر من (80) % من أهالي الأسرى من الزيارة بحجة الاحتياطيات الأمنية.
**ما هي طبيعة المعاملة بين الأسرى؟
لا توجد أي تفرقة بين فصيل أو آخر، حيث كانت العلاقة بين الأسرى علاقة أبناء شعب واحد، أبناء فلسطين، هدفنا واحد والعمل فيما بيننا يتم بالتنسيق في كافة المجالات للوصول إلى اتفاق معين لكافة الفصائل، حيث يتم الاتفاق بين الفصائل وننتخب شخصاً يتحدث باسم الأسرى ويتفاوض مع إدارة السجون.
** خلال مدة اعتقالك التي دامت (12) سنة ، كيف يمكن أن تحدثنا عن الإضرابات التي خضتموها؟
أول إضراب خضناه في السجون كان عام (1995) وكان من أهم أهداف هذا الإضراب تحقيق مطالبنا، وهي تحسين ظروفنا من حيث الطعام والشراب والعناية الصحية والعلاج وكانت مدته (18) يوم، وتم تلبية مطالبنا، والإضراب الثاني كان عام (1998) ومدته (16) يوم، وكان لتحسين وضع الأسرى داخل السجون والحصول على الإنجازات التي توصلنا إليها من خلال المفاوضات، وهي تحسين زيارة الأهل وانتظامها من خلال غرفة خاصة، والسماح للأهل بجلب الأطفال لرؤية آبائهم، حيث إنهم قد منعوا في تلك الفترة، وكافة هذه الإنجازات تحققت عن طريق سقوط شهداء من الحركة الأسيرة داخل السجون لتحقيق هدف حق الأسرى بالاستمتاع بكافة حقوقهم الإنسانية كأي أسرى في العالم و منهم الإخوة الشهداء عبد القادر أبو الفحم و راسم حلاوة و غيرهم من الشهداء ، أما الإضراب الثالث فكان في عام (2000) ، وقد كان حفاظاً على كرامة الإنجازات التي حاولوا إهانتها، وكانت مدته (15) يوماً، وسميناه في ذلك الوقت إضراب الكرامة والشرف، وذلك حفاظاً على شرفنا و كرامتنا، حيث مررنا بمرحلة من المراحل الصعبة حيث استخدموا معنا أسلوب التفتيش العاري، وذلك بشكل استفزازي وانتزاع لكرامة الإنسان بشكل مهين، فقد كان يطلب من الأسير أن يحني جسده لكشف عورته، إنها أساليب تعجز شياطين الإنس والجن عن فعلها، أما بالنسبة لتقديم الطعام فقد كان مذلاً للغاية، حيث كان الأسرى الجنائيون، أي غير الأمنيين هم الذين يطهون لنا الطعام في مطبخ خاص بهم ويتم توزيعه على الأسرى الأمنيين، وكان الطعام سيئاً، إذ إنهم لا يتعاملون معنا على أننا آدميون؛ بل كحيوانات إرهابية لا تستحق الحياة ولا الأكل النظيف، ويجب أن تعيش تحت رحمتنا، حيث إن الطعام الذي يقدم لنا يكون مخزناً في ثلاجات لمدة طويلة جداً قد تصل إلى سنين واللحوم عفنة والرز نيئاً والشوربة مصنوعة من ماء متسخ، ناهيك عن العناية الصحية، حيث كانت قبل انتفاضة الأقصى أفضل، فقد بات الإهمال الطبي متعمداً من قبل إدارة السجون، والدليل على ذلك أنني قبل دخولي السجن كنت قد أصبت في ساقي وأنا مضرب عن الطعام عام1992 تضامناً مع الأسرى في ذلك الوقت، وخلال فترة اعتقالي شعرت بألم في ساقي ولم ألقى أي عناية صحية، وقضيت سبع سنوات وأنا أتردد على طبيب السجن وهو يقدم لي أدوية ليست مطابقة لمرضي مما يزيد حالتي الصحية سوءاً، فضلاً عن أن الدواء قديم ولا يصلح للاستخدام الآدمي، مما يؤدي إلى تراكم الأمراض لدى الأسرى، وخاصة مرض القلب والذي سببه الضغط النفسي ومعاملة إدارة السجن القاسية على الأسرى، فمن الأسرى من يعاني من جلطة في القلب مثل الأسير وليد شعت وأبو جابر نشبت وعدد كبير من الأسرى.
**بالنسبة لآخر إضراب داخل السجون وهو إضراب الأمعاء الخاوية؛ كيف يمكن لك أن تصف لنا هذا الإضراب؟ وكيف قضيته؟ وكم كانت مدته؟ وما الذي تم تحقيقه من هذا الإضراب؟
في الحقيقة لقد خضت إضرابات كثيرة عن الطعام، ولكن هذا الإضراب كان أصعب وأقوى إضراب يمر علينا بالفعل طول قترة اعتقالي، وذلك لسبب واحد أنهم عملوا كل ما باستطاعتهم لإفشال هذا الإضراب، وكان من أسبابه هو إعادة الإنجازات التي تم تحقيقها وأخرى لم يتم تحقيقها؛ فكانت على النحو التالي: رفع الزجاج الموجود في غرفة الزيارة الذي وضع بدلاً من الشبك الذي يحول بين الأسير وملامسته لأهله وأولاده، إذ وضع الزجاج ومعه هاتف لمخاطبة الأهل من خلاله، توفير جهاز تلفون داخل كل قسم ليستطيع الأسرى محادثة ذويهم خارج السجن، استعادة الأدوات الكهربائية التي تم سحبها منا كنوع من الاستفزاز، تحسين الظروف الدراسية وخاصة الدراسة بالانتساب في كافة جامعات العالم العربي والعالمي لا سيما جامعاتنا الفلسطينية وعدم اقتصارها على الجامعة العبرية، الاهتمام بصحة الأسرى حيث يوجد عدد كبير من الأسرى يحتاجون إلى عدد من العمليات الجراحية وتقديم العناية الصحية لهم الأمر الذي أدى بسبب الإهمال إلى استشهاد أخي وصديقي ورفيق دربي إياد عدوان (أبو محمود) من سكان رفح في عام 1997 من سجن بئر السبع.
**هل تم تلبية كافة مطالبكم؟
قبل أن أجيب عن هذا السؤال أريد أن أتحدث عن أساليب مصلحة إدارة السجون الصهيونية لكي تفشل هذا الإضراب ومنها: استخدام أساليب الضغط النفسي وإرغام الأسرى المضربين على فك الإضراب من خلال قيامهم بشوي الكباب وكافة أنواع اللحوم بجانب شبابيك الأقسام لإغراء المضربين، استخدام أساليب الضرب المبرح والعنيف والقمع الجماعي خاصة داخل عيادة السجن مع الأسرى الذين سقطوا من شدة المرض والتعب لإرغامهم على تعليق الإضراب، حرمان الأسرى المدخنين من التدخين، عرض أفلام إباحية من خلال شاشات الفيديو وإرغامنا على مشاهدتها، كل هذه الأساليب القذرة لم تهزنا داخل المعتقل؛ بل زادتنا إصرارا وثباتاً، حتى تم تحقيق جزء كبير من مطالبنا وتم فك الإضراب بعد أن دام (19) يوم أثبتنا فيها إصرار شعبنا الصامد والتزامه بقضيته وحقه في الحرية والعيش بأمان.
وفي نهاية حديثي؛ فإنني أوجه تحية كل التحية لأمهات الأسرى أمهاتنا اللاتي سطرن بصمودهن أروع آيات الصمود والفداء والتضحية، بل وقدمن أرواحهن فداء لنا وخير دليل على ذلك هو استشهاد أم أحد إخواننا الأسرى من الضفة الفلسطينية تضحية ووفاء لأبنائها الأسرى، كما وأحيي كل من ساهم معنا بالإضراب عن الطعام والاعتصام تضامناً معنا، وابعث بأجل التحيات لإخوتي الأسرى داخل سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني المتغطرس وأتمنى لهم الإفراج العاجل والسريع والحرية كل الحرية لهم -إن شاء الله
مع تمنياتنا الحرية لاسرانا البواسل في سجون الاحتلال.